إلى ذاك الوحيد : بقلم نصر الله من الجزائر "الموضوع الثاني" مسابقة أحسن مقال
الوحدة ليست
دائما جميلة كما تتوقع يا صديقي ، إنزع تلك الفكرة المقحمة داخل رأسك السميك ، عش
حرا ، أشعر بالإنتماء .
أيها الوحيد ،
ستدرك يوما ما عند أول عثرة في حياتك أنك كنت كمن يدخل معركة طاحنة وهو يحمل سكين
المطبخ ويلوح به كالمجنون وسط وابل من الرصاص ، إنها الحياة يا صديقي ، كما الحرب
، ستهوي بك الى أسفل السافلين لو لم تعد العدة جيدا ، ومن ثم ستفهم أن الوحدة ليست
الطريقة الصحيحة للعيش ، ليست صحيحة البتة ، الوحدة لم ولن تكون الطريقة الصحيحة ،
إنها أسوء أسلوب يمكن للمرء أن يعيش به ما تبقى من حياته القليلة ، الأسوء على
الإطلاق ، إذا أردت عيش حياة تعيسة كن وحيدا ، وهكذا..ستصبح ضعيفا بلا أدنى شك ،
فالحياة ليست هكذا ، الحياة لا ترحم من بكى ولا ترق لمن اشتكى .
ولكنك إن عرفت من أين تؤكل الكتف ستعيش
حياة جميلة ، أو على الأقل أجمل من تلك التي عشتها وحيدا ، أمتع من تلك التي عشتها
وحيدا ، مليئة أكثر من تلك التي عشتها وحيدا ، وبالتأكيد بسيطة أكثر من تلك التي
عشتها وحيدا ، حسنا من أين تؤكل الكتف يا ترى ؟
إن المرء لن يضل
طريقه ولن يفقد بريقه ولن يذوب فؤاده ولن يخضع لهواه أمام أهوال الحياة ، ولن
يتراجع لصعابها ولن يستسلم لمعاركها إذا أحاط نفسه بمن يحبونه ، من يحبونه بصدق ،
أي أرض تأويك وأي طريق تنجيك وأي بلاد تحميك إذا لم تحط نفسك بمن يذودون عنك يوم
لا يذود فيه الا الله ، من يصبحون سلاحك الفتاك يوم يحمى الوطيس ، من يصيرون درعا
ونبراسا وقلما يوم تعصف عواصف الحياة .
تلك الحياة ،
عشها بعقلك أرجوك ، فإذا ضربتك فالحصون لديها لا تمنع و العساكر لقتالها لا تنفع ،
أعد العدة وإلا صرت أضيع من الأيتام في مأدبة اللئام ، وآخر الكلام سلام .